أسباب إنتشار الجهل عند العرب والعلوم عند الغرب
por @amuda
فى عام 1445، فى مدينة ماينتس الالمانية، قدم يوهانس جوتنبرج إختراع كان له بالغ الأثر فى التاريخ الثقافى والاقتصادى للإنسان: ألا وهو الطباعة. قديمًا كانت الكتب تُدون يدويًا عن طريق الكَتَبة، وهذا ما كان يجعل تلك العملية فى غاية البطء، ففى تلك الحقبة كانت الكتب فى غاية النُدرة وكانت باهظة الثمن، ولكن بعد الاختراع الذى قدمه لنا جوتنبرج، بدأت الأمور فى التغيّر للأبد وذلك عن طريق هذه الأداة التى كانت وقتها تشبه الإنترنت فى وقتنا الحالى. على الفور أدرك الغرب قيمة هذا الاختراع، ففى غضون سنوات قليلة تم إنشاء مطابع فى مدن بفرنسا ،إنجلترا ،إيطاليا ،هولندا وإسبانبا.
ولكن لم تنتشر الطباعة فى كل مدن العالم كما انتشرت فى المدن الغربية، فى الشرق كانت تسيطر الإمبراطورية العثمانية تقريبًا على كل البلدان العربية، ففى عام 1485، أصدر السلطان العثمانى ” بيازيد الثانى” مرسومًا يمنع المسلمين بشكل صريح من الطباعة باللغة العربية، ولكن فى عام 1727سمح ” السلطان أحمد الثالث ” للناشر “إبراهيم متفرقة” بإنشاء المطبعة الأولى على الأراضى العثمانية ولكن مع بعض القيود ،حيث كان ينبغى أن تقوم بمراجعة أى شىء قبل طباعته مجموعة مُكونة من ثلاث علماء دين يمتلكون حق النقض( الفيتو)، وهذا بدوره أثر على كم الكتب المطبوعة، فلا عجب إذً أن ” إبراهيم متفرقة” قام فقط بطباعة أربعة وعشرين كتاب خلال أربعة عشر عام حتى توقف نهائيًا عن الطباعة فى عام 1743، مع توقف العمل فى أول مطبعة فى الإمبراطورية العثمانية، استمر الكَتَبة فى ممارسة مهنتهم حتى دخلت العالم العربى المطبعة الأولى دون رقابة، وكان ذلك فى مصر عام 1798 على يد نابليون بونابرت.
كان لهذا المنع أثره الواضح على القراءة والكتابة والتعليم، التنمية والإقتصاد فى كلا الجانبين ( الشرق – الغرب )، فى عام 1800 وكانت نسبة من يعرف القراءة والكتابة فى الإمبراطورية العثمانية 3% فقط، مقارنة بإنجلترا التى وصلت فيها النسبة إلى 60 %و40 %بين النساء، وفى ألمانيا وهولندا وصلت النسب إلى معدلات اكثر إرتفاعا ،ظلت الدولة العثمانية فى حالة التراجع والركود الثقافى وذلك بالمقارنة مع الدول الأوروبية التى انتشرت فيها كتب العلوم والفلسفة والإقتصاد والتى كانت فى منتاول الكثيرين، وهذا ساعد فى تطور الفكر، مواكبةً مع نتائج الثورة الصناعية والتجارية وروح التقدم وانتشار الابتكارات والاختراعات والديمقراطيات، فى حين ظلت الإمبراطورية العثمانية والدول العربية فى حالة تراجع وحتى يومنا هذا ما زال يُدفع ثمن تحريم الطباعة لاكثر من 300 عام وكانت النتيجة انتشار الفساد والحروب والديكتاتوريات والأصولية فى التفكير.
الإحصائيات:
حسب التقرير الخاص باليونيسكو لعام 2011، فإن عدد الكتب المترجمة إلى اللغة العربية فى الثلاث عقود بداية من عام1970 إلى عام 2000 قد وصل إلى 6881 كتاب وهذا الرقم مساوى إلى عدد الكتب المترجمة للغة اللتوانية، مع العلم أن عدد متحدثيها 4 ملايين شخص حول العالم.
من المعروف أن المتوسط السنوى للقراءة هو 4 كتب للفرد الواحد، ففى الولايات المتحدة يصل إلى 11 كتاب للفرد، و7 كتب فى المملكة المتحدة، وفى الدول العربية قد تصل النسبة فقط إلى ربع صفحة واحدة للفرد.
فى المملكة المتحدة يصل عدد الأوراق المطبوعة إلى 206 ألف كتاب مقارنةً بمصر التى يصل عدد الأوراق المطبوعة فيها إلى 10 ألف كتاب، مع العلم أن عدد سكان المملكة المتحدة حوالى 64 مليون نسمة وفى مصر يصل عدد السكان إلى 82 مليون نسمة، قد يفسر البعض أن ما يتم طباعته فى لندن يُوزع فى كل أنحاء العالم وهذا أكيد بالطبع إلا أنه وفى المقابل ما يُطبع فى القاهرة موجه إلى أكثر من 300 مليون نسمة.
مراجع:
تاريخ الابجدية، ستالين(1981)
إيميلى سافاج – سميث ، جامعة اكسفورد (2003) ص 656-659
لماذا تفشل الامم ، دارون اسيموجلو – جاميس رروبنسون ص 255-258
روابط:
تقريراليونسكو الإقليمي للتعليم بالدول العربية
مأساة القراءة في عالمنا العربي : حقائق وأرقام
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (عدد الكتب المطبوعة خلال 2013 )